وَ مِنْ خُطْبَهٍ لَهُ عَلَیْهِ السَّلامُ بَعْدَ انْصِرافِهِ مِن صِفِّینَ:
اءَحْمَدُهُ اسْتِتْماما لِنِعْمَتِهِ، وَ اسْتِسْلاما لِعِزَّتِهِ، وَ اسْتِعْصاما مِنْ مَعْصِیَتِهِ، وَ اءَسْتَعِینُهُ فاقَهً الى کِفایَتِهِ انَّهُ لا یَضِلُّ مَنْ هَداهُ. وَ لا یَئِلُ مَنْ عاداهُ وَ لا یَفْتَقِرُ مَنْ کَفاهُ، فَانَّهُ اءَرْجَحُ ما وُزِنَ وَ اءَفْضَلُ ما خُزِنَ وَ اءَشْهَدُ اءَنْ لا الهَ الا اللّهُ وَحْدَهُ لا شَرِیکَ لَهُ، شَهادَهً مُمْتَحَنا اخْلاصُها، مُعْتَقَدا مُصاصُهِّا، نَتَمَسَّکُ بِها اءَبَدا ما اءبْقانا، وَ نَدَّخِرُها لاَهاوِیلِ ما یَلْقانا فِانَّها عَزِیمَهُ الایمانِ، وَ فاتِحَهُ الاحْسانِ وَ مَرْضاهُ الرّحمنِ، وَ مَدْحَرَهُ الشِّیْطانِ. وَ اءَشْهَدُ اءَنَّ مُحَمَّدا عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، اءَرْسَلَهُ بِالدِّینِ الْمَشْهُورِ، وَ الْعِلْمِ المَاءثُورِ وَ الْکِتابِ الْمَسْطُورِ، وَ النُّورِ السّاطِعِ، وَ الضِّیاءِ اللامِعِ، وَ الْاءَمْرِ الصّادِعِ. اِزاحَهً لِلشُّبُهاتِ، وَ احْتِجاجا بِالبَیِّناتِ، وَ تَحْذِیرا بِالْآیاتِ، وَ تَخْوِیفا بِالمُثلاتِ وَ النّاسُ فِى فِتَنٍ انْجَذَمَ فِیها حَبْلُ الدّینِ وَ تَزَعْزَعَتْ سَوارِى الْیَقینِ، وَ اخْتَلَفَ النَّجْرُ وَ تَشَتَّتَ الْاءَمْرُ، وَ ضاقَ الْمَخْرَجُ وَ عَمِىَ الْمَصْدَرُ فَالْهُدى خامِلٌ، وَ الْعَمى شامِلٌ. عُصِىَ الرَّحْمنُ، وَ نُصِرَ الشَّیْطانُ، وَ خُذِلَ الْإ یمانُ، فَانْهارَتْ دَعائِمُهُ، وَ تَنَکَّرَتْ مَعالِمُهُ، وَ دَرَسَتْ سُبُلُهُ، وَ عَفَتْ شُرُکُهُ. اءَطاعُوا الشَّیْطانَ فسَلکَُوا مَسالِکَهُ، وَوَرَدُوا مَناهِلَهُ، بِهِمْ سارَتْ اءَعْلامُهُ، وَ قامَ لِواؤُهُ فِى فِتَنٍ داسَتْهُمْ بِاءَخْفافِها، وَ وَطِئَتْهُمْ بِاءَظْلافِها وَ قامَتْ عَلى سَنابِکِها، فَهُمْ فِیها تائِهُونَ حائِرونَ جاهِلُونَ مَفْتُونُونَ فِى خَیْرِ دارٍ وَ شَرِّ جِیرانٍ، نَوْمُهُمْ سُهُودٌ، وَ کُحْلُهُمْ دُمُوعٌ، بِاءَرْضٍ عالِمُها مُلْجَمٌ وَ جاهِلُها مُکْرَمٌ. وَ مِنْها وَ یَعْنِى آلَ النَّبِىَ صَلَّى اللّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّم : هُمْ مَوْضِعُ سِرِّهِ وَ لَجَاءُ اءَمّرِهِ وَ عَیْبَهُ عِلْمِهِ وَ مَوئِلُ حُکْمِهِ وَ کُهُوفُ کُتُبِهِ، وَ جِبالُ دِینِه ، بِهِمْ اءَقامَ انْحِناءَ ظَهْرِهِ وَ اءَذْهَبَ ارْتِعادَ فَرائِصِهِ. مِنْها فى الْمُنافِقین : زَرَعُوا الْفُجُورَ، وَ سَقَوْهُ الْغُرُورَ، وَ حَصَدُوا الثُّبُورَ، لا یُقاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ مَنْ هذِهِ الامَّهِ اءَحَدٌ وَ لا یُسوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَیْهِ اءَبَدا، هُمْ اءَساسُ الدِّینِ، وَ عِمادُ الْیَقینِ، إ لَیْهِمْ یَفِى ءُ الْغالِى ، وَ بِهِمْ یِلْحَقُ التّالِى وَ لَهُمْ خَصائِصُ حَقِّ الْوِلایَهِ، وَ فِیهِمْ الْوَصِیَّهُ وَ الْوِراثَهُ، الآنَ اذْ رَجَعَ الْحَقُّ الى اءهلِهِ وَ نُقِلَ الى مُنتَقَلِهِ.
|